جاري تحميل ... مدونة الحشرات المنزلية

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

الانسلاخ..

 عملية يقوم خلالها الحيوانات بالتخلص مما يغطي جسمها.. عدة مرات طوال حياتها. ويتم ذلك دورياً عند بعضها، كالثدييات والطيور والزواحف ومفصليات الأرجل والخيطيات، ويشمل ذلك الشعر والجلد والحراشف والريش والفراء، ليحل محله كساء جديد.. وتحدث هذه العملية فى وقت محدد من العام، يختلف باختلاف الحيوان، وتختلف العملية ذاتها باختلاف الحيوان..
وتحدث عملية الإنسلاخ فى الحشرة مثلاً (اليرقة أو الحورية) حتى تستطيع أن تكبر فى الحجم؛ حيث يزداد حجم جلد الحشرة كلما تغذت حتى حدود معينة تنسلخ بعدها ويتغير الجلد لتنتقل إلى مرحلة عمرية تالية بجلدها الجديد الذى يزداد فى الحجم، وهكذا حتى تصل الحشرة إلى الطور التالى (العذراء فى الحشرات تامة التشكل أو الحشرة الكاملة فى الحشرات ناقصة التشكل).
تتصف بعض الحيوانات بوجود قشرة خارجية صلبة (الهيكل الخارجى) يصعب تمددّها، مما يعوق نمو الحيوان، فتستدعى حاجة الجسم للنمو حدوث عملية الانسلاخ.. حيث لا يمكن تمدد "الكيوتيكل" (غطاء شمعى يقى من الجفاف) وبالتالى تحتاج الحشرة للتخلص منه وتكوين جليد آخر للجسم فى حجمه وشكله الجديد.. وذلك للتغلب على صلابة الهيكل الخارجى للجسم.
يوجد تنظيم هرمونى للانسلاخ.. فهناك خلايا عصبية تفرز مادة تنبه غدة موجودة فى الرأس أو الصدر (بحسب المجموعات الحيوانية) فتحثها على إفراز هرمون الانسلاخ الذى يدفع الحيوان إلى هذه العملية.. صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ..
تبدأ عملية الإنسلاخ بأن تنشط خلايا طبقة البشرة الداخلية (الهيبودرمس) حيث تستطيل بعض خلاياها فتنفصل هذه الطبقة عن الكيوتيكل القديم ويمتلىء مكان الإنفصال بسائل الإنسلاخ الذى يقوم بترطيب الجلد، ويقوم سائل الإنسلاخ بهضم (إذابة) طبقة الكيوتيكل الداخلية التى تتكون من (الكيتين والبروتين) حيث يحتوى سائل الإنسلاخ على إنزيمى (البروتييز والشيتينيز)، كما تفرز طبقة (الهيبودرمس) طبقة البشرة الخارجية للكيوتيكل الجديد ثم الداخلية، ولا يستطيع سائل الإنسلاخ إذابة طبقة الكيوتيكل الخارجية للجلد القديم نظراً لإحتوائه على مادة الكيوتكيولين (علاوة على البروتين والشيتين) التى تعطيه صلابة أكثر وتجعله لا يتأثر بسائل الإنسلاخ.. تبدأ الحشرة، مثلاً، فى عمل تقلصات لعضلات الجسم خصوصاً عضلات الصدر بالإضافة إلى ضغط الدم وتأثير سائل الإنسلاخ فيحدث شق.. حيث تبدأ الحشرة بعد ذلك فى إخراج منطقة الصدر ثم باقى الجسم تدرجياً.. يكون الجلد الجديد فى بادىء الأمر لينا ثم يتصلب نتيجة لتعرضه للهواء..
الانسلاخ فى الفقاريات.. تنسلخ البرمائيات دورياً، مرة كل شهر تقريباً، حتى إنه ذُكر أن ضفدع الشجر الرمادى، ينسلخ كل يوم.. وهكذا تنفصل الطبقة السطحية من الجلد قِطَعاً (كما فى الضفادع عديمة الذنب)، أو قطعةً واحدة (كما فى الضفادع المذنبة)، وتستغرق العملية عادة بضع ساعات، وغالباً ما يقوم الحيوان بعدها بأكل جلده الذى طرحه!
أما الزواحف.. فيغطى جسمها بشرة تستقر فوقها حراشف قرنية.. لذلك يلاحظ أن جلد العظايا ينسلخ قِطَعاً أو قشوراً، فى حين تنسلخ الحيّات وترمى جلدها القديم قطعة واحدة، فيبدو الحيوان عندئذ وكأنه يخلع ثوبه!
والقاعدة العامة أن تنسلخ الطيور مرة كل عام، ويتم ذلك بتغيير ريشها وتستبدل به ريشاً جديداً.. ومن الحالات الاستثنائية المعروفة أنثى طائر الطنان، التى تتميز بمدة تعشيش طويلة، فإنها تحتفظ بريشها سنتين متتاليتين.. وينسلخ الطائر عادة بعد فصل التكاثر، وبعضها تنسلخ أيضاً قبل وقت تكاثرها، ولكن الانسلاخ فى هذه الحالة لا يشمل فى الغالب إلا بعض الرياش. وكثيراً ما يختلف الريش الجديد فى لونه عن الريش القديم، لذلك يلاحظ تناوبٌ فى تلون الطائر بين الصيف والربيع. كما يتغير لون ريش الطيور الفتية عند انسلاخاتها المتتالية قبل أن يستقر ويأخذ الطائر البالغ لونه المميز. وعلاقة انسلاخ الطيور بفصل الاقتران أمر مهم جداً، لأن ذكورها تكتسى عندئذ، فى الغالب، حلة قشيبة تؤهلها للاقتران. ويستغرق الطائر فى انسلاخه بضعة أسابيع، يقل إبّانها نشاطه وحركته. وهو فى أثناء ذلك لا ينسلخ دفعة واحدة وإنما على مراحل متتالية، يبدل الطائر فى كل منها قسماً من رياشه.. لذا يبدو الطائر حينها مهلهل المظهر.
أما الثدييات.. فكثير منها يجدد فروه مرة أو مرتين فى السنة.. فالفقمة تنسلخ فى الخريف، فيتساقط جلدها قشوراً تجر معها ما تحمله من شعر. كما تنسلخ الأرانب البرية وبعض اللواحم، كثعلب المنطقة القطبية، مرتين فى السنة: واحدة فى الربيع يكون الحيوان بعدها داكن اللون، وواحدة فى الخريف يبدو فَرْوُهُ بعدها أبيض ناصعاً. وقد يكون لذلك علاقة بتكيف الحيوان مع البيئة التى يعيش فيها!
الانسلاخ في مفصليات الأرجل.. تغطى أجسام هذه الحيوانات قشيرة كيتينية، تتصلب بتشربها مادة كلسية أو بروتينات صلبة، لذلك تَحُدُّ هذه القشيرة من نمو تلك الحيوانات، ويُعَدُّ انسلاخها، من ثم، ضرورة لابد منها لهذا النمو.
فالقشريات تنسلخ مرات عدة فى حياتها، وهكذا ينسلخ القريدس ست مرات أو سبعاً فى السنة الأولى من حياته، ثم ثلاث مرات أو أربعاً فى السنة الثانية، ثم ينسلخ الذكر مرتين كل عام في حين تنسلخ الأنثى مرة واحدة. أما السرطان (عنكبوت البحر) فينسلخ نحو 20 مرة عندما يكون فتياً، إلا أنه يتوقف عن ذلك عند البلوغ، ولا تستغرق عملية الانسلاخ وقتاً طويلاً. فى حين يحتاج السرطان الغضوب عدة ساعات.
أما انسلاخ متماثلات الأرجل.. فيتم على مرحلتين: يتخلى الحيوان فى الأولى عن القشيرة التى تغطى المنطقة الأمامية من جسمه، وفى الثانية ينسلخ باقى الجسم. وعندما يحين موعد الانسلاخ القشرى ينزوى الحيوان فى ركن هادئ، ويتوقف عن تناول الطعام، ثم يبدأ بالانسلاخ الذى يتم على مراحل: ففى البداية تتشكل قشيرة جديدة لينة تحت القشيرة القديمة بعد أن يكون قد جرى هضم الجزء العميق منها، ثم ينسل الحيوان من قشيرته القديمة من خلال شقوق تظهر وفق خطوط محددة عليها، فى أثناء ذلك يقوم الحيوان بشرب كميات كبيرة من الماء، مما يساعد على انتفاخه وتمدد قشيرته الجديدة اللينة، وازدياد حجمه، ويلى ذلك استكمال تكوّن القشيرة الجديدة لتصبح مطابقة فى بنيتها للقشيرة القديمة التى طرحها الحيوان سابقاً.
وتجدر الإشارة إلى أن مكان ظهور شقوق الانسلاخ يختلف من مجموعة إلى أخرى.. ففي السرطان يظهر أول شق بين الصدر الرأسى والبطن، يلى ذلك ظهور شقين على جانبى القصعة، وينسحب الحيوان من خلال هذه الشقوق.
أما تكلس القشيرة الجديدة فيتم بترسب المواد المعدنية التى سبق أن ارتُشِفَتْ من القشيرة القديمة واختُزِنَتْ فى دم الحيوان، أو بترسب المدخرات المعدنية التى يجمعها الحيوان قبل انسلاخه. وما الرمال المعدنية الكلسية الموجودة على جانبى معدة القريدس، فى الواقع، إلا هذه المدخرات فى هذا الحيوان! وأحياناً يستمد الحيوان ما يحتاجه من كلس بالتهامه القشيرة التى كان قد طرحها بانسلاخه السابق!
الانسلاخ في الحيوانات الأخرى.. بطيئات المشية.. وهى شعبة من اللافقاريات تتألف من حيوانات صغيرة تعيش فى المستنقعات وعلى الطحالب، تنسلخ عندما تجد أن الظروف حولها قد أصبحت غير ملائمة، إلا أنها لا ترمى قشيرتها القديمة بل تحتفظ بها حول جسمها، وكأنها تتكيس لتحمى نفسها من الأحوال الخارجية، لذلك يعد انسلاخ هذه الحيوانات مثالاً جيداً على عدم ارتباط انسلاخ الحيوان بنموه. أما الخيطيات من الديدان فتنسلخ 4 مرات إبان تشكلها بعد الجنينى، ويلاحظ هنا أيضاً أن القشيرة لا تحول دون نمو الحيوان، بدليل استمرار نمو الخيطيات بعد انتهاء انسلاخها الأخير.

منقول
              
 [full_width]
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال